صور الفتن كشف عنها عمرو بن هشام أبو جهل حين رمى قائد الدعوة بالجنون كما يفعل السُذج وهو يعلم بأنه في موضع الذؤابة من قومه، وعتبة حين جاء يساومه كتجار المبادئ يُدهنون لو يدهن، وهو أعلم الناس بمكانته، أما من ذهب إلى أن (الباء) بمعنى (في) فاطرحه ولا تعِجْ عليه ومن ادعى زيادتها نجيبه بقول المرادي: ما أمكن تخريجه على غير الزيادة لا يحكم عليه بالزيادة وتخريج كثير من هذه الشواهد ممكن على التضمين. أ. هـ.
وأشرف وجوه التأويل ما كان أجلى لبيان المعنى وأظهر. وبه أوْلى وأجدر. فالتضمين مرقاة إلى تدبر المعنى عند غموض الحال ولطف المدخل.
قال العز بن عبد السلام: أي أن يصرفوك. وذكر الزمخشري: أن يفتنوك: أن يخدعوك فاتنين.
وقال القرطبي: أن يفتنوك يُزيلوك عما كنت عليه، قاله الهروي وقيل: يصرفوك. وذكر أبو حيان: يخدعوك وتلك المقارنة في فتنته في زعمهم سببها: رجاؤهم أن يفتري على اللَّه غير ما أوحى اللَّه إليه، أو يضيف إلى اللَّه ما لم يُنزل عليه.
أقول: إن زعماء قريش أدهى من أن يطلبوا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يترك ما جاءه من الحق، وما طمعوا في صرفه عن دعوته ولا إزالته عنها، ولا أن يفتري على اللَّه أو يزيد أو يُنقص فيما أوحى اللَّه إليه. ولكنهم كانوا يطلبون