للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفرأيت إلى أمر هذه الحروف حين تدخل على فعل لا يألفها ولا تأنس به كيف تُفصح عن سر صنعته البيانية فتجني منه ثمرة معناه مع تشريفه وبيان الغرض من إعجازه!! إنه التضمين ... ثم يجلو الجمالَ حرفٌ مبين ... في جُملةٍ ضياؤها منشور

* * *

قَالَ تَعَالَى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ). قال الآلوسي: وجوز أن تكون (مِنْ) بمعنى اللام والمعنى توطينا لأنفسهم على طاعة الله. إلى ذلك ذهب أبو علي الجبائي، وليس ببعيد.

وذكر أبو حيان: من جعل (مِنْ) بمعنى (اللام) أي لأنفسهم كما تقول: فعلت ذلك كسرا لشهوتي أي فلا يتضح فيه أن ينتصب على المفعول له. قال الشعبي: فهم يعملون لتثبيت النفس على الإيمان لأنها إذا ثبتت على صعوبة الإنفاق انقادت وذلت، وإذا كان التثبيت مسندا إليهم كانت (مِنْ) في موضع نصب متعلقة بنفس المصدر وتكون للتبعيض. مثلها: هز من عطفه وحرك من نشاطه، وإن كان التثبيت مسندا إلى أنفسهم كانت (مِنْ) في موضع نصب متعلقة بصفة محذوفة للمصدر تقديرها: كائنا من أنفسهم، والظاهر أن نفسه هي التي تثبته وتحمله على الإنفاق في سبيل اللَّه ليس له محرك إلا هي فهي الباعثة له على ذلك والمثبتة له بحسن إيمانها وجليل اعتقادها.

قال الشعبي وقتادة والسدي وأبو صالح وابن زيد: (تيقنا) أي أن نفوسهم متأكدة فهي تثبتهم على الإنفاق. قال قتادة أيضا (احتسابا) من

<<  <  ج: ص:  >  >>