العرب قد تحذف حروف الجر من أشياء هي محتاجة إليها، وتزيدها في أشياء هي غنية عنها فإذا حذفوا حرف الجر مما هو محتاج إليه، فذلك لأسباب ثلاثة:
أحدها: أن يكثر استعمال الشيء، ويفهم الغرض منه، فيحذفون حرف الجر تخفيفا.
والثاني: أن يحمل الشيء على شيء آخر هو في معناه، ليتداخل اللفظان كما تداخل المعنيان كقولهم استغفر اللَّه ذنبي، حين كان بمعنى أستوهبه إياه.
والثالث: أن يضطر إلى ذلك الشاعر:
تمرون الديار ولم تعوجوا ... سلامكم علي إذاً حرام
وإذا زاد حرف الجر فيما هو غني عنه فذلك لأسباب أربعة:
أحدها: تأكيد المعنى وتقوية عمل العامل، وذلك بمنزلة من كان معه سيف صقيل فزاده صقلا وهو غنيٌ عنه.
والثاني الحمل على المعنى، ليتداخل اللفظان كتداخل المعنيين، نضرب بالسيف ونرجو بالفرج فعُدّي الرجاء بالباء حين كان بمعنى الطمع.
والثالث: أن يضطر الشاعر إلى الزيادة لإقامة وزنه
والرابع: أن يحدث بزيادة حرف معنى لم يكن في الكلام، وهذا أظرف الأنواع الأربعة وألطفها مأخذا وأخفاها صنعة، ومن أجل هذا النوع أراد الذين أنكروا هذا الباب، أن يجعلوا لكل لفظ معنى غير الآخر، فضاق عليهم المسلك، وصاروا إلى التعسف، وهذا النوع كثير في الكلام، يراه من منحه اللَّه طرفا من النظر، ولم يمر عليه مُعرضا عنه، فمن ذلك قولهم شكرت زيدا، وشكرت لزيد، يتوهم كثير من أهل هذه الصناعة أن دخول اللام ههنا