للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآية تسرية عن قلب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ألا يذهب حسراتٍ عليهم لأنه لم يُقصر في تبليغهم، وأن اللَّه لم يبخسهم أسباب هدايته.

أرأيت كيف جعل التضمين المتعدي لمفعول متعدياً لمفعولين، فأضاف إلى الظلم البخس حين جعل فيه عصارة جديدة من ماء الحياة! لقد أمتعنا من حديثه تأنيساً بهذه اللفتات

ومن حديث يزيدنا مِقةْ ... ما لحديث الموموق من ثمن

ولو جاءت الآية (إن اللَّه لا يبخس الناس شيئا) لضاع علينا نفي الظلم.

إنه التضمين جمع إلى نفي الظلم، نفيَ البخس، فكانت له الحُظْوة إلى الإيجاز والإعجاز، وفي عرض حقيقة من حقائق العقيدة الكبرى في محيطها الشامل.

* حسب اللبيب بهذا الخير من هاد *

* * *

قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) (١).

ذكر العز: أي يُكذبون بها أو يكفرون بها ظالمين - على التضمين - وقال الآلوسي: بآياتنا متعلق بـ يظلمون وقُدم عليه بالفاصلة وعُدِّي الظلم بالباء لتضمَّنه معنى التكذيب أو الجحود.

وقال أبو حيان: ويتعلق (بآياتنا) بقوله يظلمون، تضمن معنى يُكذبون أو لأنها بمعنى يجحدون، وجحد يتعدى بالباء قَالَ تَعَالَى: (وَجَحَدُوا بِهَا).

أقول: ولعل يستخفون ويستهينون أظهر في تصوير موقفهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>