للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَال تعالى: (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١).

ذهب أبو حيان: إلى أن (مِنْ) متعلقة بـ يعلم على تضمين ما يتعدى بمن كأن المعنى: واللَّه يميز بعلمه المفسد من المصلح ... وذكر أبو السعود: العلم بمعنى المعرفة المتعدية إلى واحد و (مِنْ) لتضمينه معنى التمييز، وقد حمل المخالطة على المصاهرة ففيه وعد ووعيد، خلا أن في تقديم المفسد مزيدَ تهديدٍ وتأكيداً للوعيد. وذكر الآلوسي: تضمن (يعلم) معنى (يميز) ولذا عداه بمن. وكذلك أستاذنا سعيد الأفغاني.

أقول: قواعد التكامل الاجتماعي حريصة على رعاية مصلحة اليتيم.

وبعد أن سُمِحَ لأوصيائه بخلط طعامه وماله بطعامهم وأموالهم ليرفع عنهم العنت ما داموا أعضاء في أسرة كبيرة، ربط هذا السماح بعلمه وهدد بكشفه، وجعله ضمانا لتنفيذ تشريعه ما دام عارفاً بالنيات، عليما بالنفوس صالحها من فاسدها. فليست القضية في الشكل: يخلط أو لا يخلط، بل في نية الوصي وفي ثمرات عمله.

نعم ... لما أريد (بالعلم) معنى (الكشف) و (الفرز) عدي بمن إيذانا أنه بمعناه وإشعارا بأن الوصي مكشوف أمره مفروز من سواه في فساده أو صلاحٍ قد ابتغاه عن طريق مؤاكلته أو مصاهرته لمن يرعاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>