وقفات مع أطروحة علمية بعنوان (التضمين النحوي في القرآن الكريم) لـ د. محمد نديم فاضل
.د. أحمد بن محمد الخراط
وكيل مركز الدراسات القرآنية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف.
بسم الله الرحمن الرحيم
يستوقف البحث العلمي في أدوات العربية مسألة دقيقة تحتاج إلى تأمل وبصيرة وفقه نافذ، وقد تناولها أهل العلم بالعربية، واختلفت فيها مذاهبهم، وتفرع على ذلك اختلافهم في وظيفة الكلم، وتعدد دلالاتها، ويتأكد البحث في المسألة أكثر إذا علمنا اتصالها بتفسير آي الذكر الحكيم، وهي مسألة: التضمين في الأفعال والحروف من خلال سياقها الدلالي.
وثمة دراسة علمية متميزة تمت مناقشتها أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة القرآن الكريم بالخرطوم أعدها الباحث: محمد نديم فاضل، بعنوان ((التضمين النحوي في القرآن الكريم)) وقد طبعت مؤخراً، ونشرتها مكتبة دار الزمان بالمدينة المنورة في مجلدين. ولا أعلم دراسة علمية في المكتبة اللغوية القرآنية تناولت موضوع التضمين بمثل هذا السبر العميق، والاستعراض النظري ثم التطبيقي، مع المرور بطائفة واسعة من المظان الأصيلة التي ألمَّت بالمسألة.
من المعروف في أساليب العربية أن كل فعل من أفعالها يختص بتعدٍ معينٍ إلى حرف جر فلا يتجاوزه، ويطرد استعمال هذا الحرف مع ذاك الفعل في أساليب الفصحاء والبلغاء، وقد يقبل الفعل على نُدْرةٍ التعدّيَ إلى حرفيْ جر، ومن هنا حرصت المعاجم العربية منذ نشأت حركة التأليف المعجمي على رصد هذا التعدي، والنص عليه في مفردات المواد التي تستوعبها، فإذا أشكل على مستخدم للفعل تعيين هذا الحرف مع الفعل المعني عاد إلى المعجم، أو إلى ضرب من ضروب السماع الفصيح: من قرآنٍ كريم وحديثٍ شريف وشعرٍ وقولٍ منثورٍ يعود إلى عصور الاستشهاد اللغوي السالفة.
بيد أن ملاحظة تستحق النظر وتستوقف القارئ في كتاب الله إذ يجد أن الأفعال التي ترد في كثير من الآيات تخالف في تعديها إلى حرف الجر ما نصّت عليه معاجم اللغة، مع أن هذا الكتاب العزيز يمثل أعلى مراتب الفصاحة والبيان، فيلحّ عليه إشكال يتشوَّف إلى حلّه.
(*) هذا المقال ليس في المطبوع، نسختُه من ملتقى أهل التفسير للفائدة