لقد جمع التضمين الهداية إلى التبصير والتعريف، إلى إقامة العدل وتنفيذه والحكم به. فمن رام التعرف على أسرار هذه الحروف فلينعم النظر فيها مع الصبر والأناة، فلا تتلوح إلا لمُدلج لدقتها ولطفها مع سلامة الذوق وامتلاك الأداة.
قال الهروي: في هدى ثلاث لغات: هديته الطريق (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) وهديته إلى الطريق: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهديته للطريق: (قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) وذكر ابن القيم ففعل هدى متى عُدي باللام تضمَّن التخصيص بالشيء المطلوب فأُتى باللام الدالة على الاختصاص والتبيين، فإذا قلت هديته لكذا، ففهم معنى ذكرته له وهيأته، ومتى عُدِّي بـ (إلى) تضمن معنى الإيصال إلى الغاية المطلوبة، وإذا تعدى بنفسه تضمَّن المعنى الجامع لذلك كله وهو التعريف والإلهام والبيان، وقال الأخفش: وأهل الحجاز يقولون هديته الطريق أي عرفته، وهديته البيت بلَّغته، وحكى
الزركشي والمالقي والفراء وابن الجوزي وابن قتيبة اللام بمعنى إلى، وذكر الزمخشري هدانا لهذا أي وفقنا لموجب هذا الفوز العظيم وهو