للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل (حمي) لا يتعدى بـ (على) نقول: حميت الذهب أو سواه، فتضمين الإحماء هنا معنى الإيقاد فتعدى تعديته، قَالَ تَعَالَى: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ) لماذا جاء الإحماء إذاً بدل الإلقاد لأن الإيقاد وسيلة الإحماء وأداته. والقرآن يتميز بإيجازه، فقد جمعت الآية كلا المعنيين الإيقاد والإحماء عن طريق الحرف (على) حين دخل على فعل لا يتعدى به، فتنبَّه لأمثاله لتظفر بمتناهٍ في حسنه وتجني ثمرة معناه.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (١)

ذكر الزركشي: أخبتوا ضمن معنى (أنابوا) فعدي تعديته. وزاد عليه العز بن عبد السلام فقال: أخبتوا: تضمن معنى أنابوا وتابوا ليفيد أنه جمع بين التوبة والتواضع. أما الزمخشري: فقد أفاد أن أخبتوا يعنى اطمأنوا وانقطعوا إلى عبادته بالخشوع والتواضع، من الخبت: الأرض المطمئنة ومنه

قولهم للشيء الدنيّ: الخبيت.

ينفع الطيب القليل من الرزق ... ولا ينفع الكثير الخبيت

التاء بدل الثاء، وذهب الآلوسي: إلى أن أصل الإخبات نزول الخبت وهو المنخفض من الأرض ثم أطلق على اطمئنان النفس والخشوع تشبيها للمعقول بالمحسوس ثم صار حقيقة فيه ومنه الخبيت الدني.

ونقل القرطبي عن ابن عباس: أخبتوا: أنابوا، وعن قتادة: خشعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>