للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ).

قال أبو حيان: ضُمِّن معنى (أخرجناه) بنجاتنا إلى الأرض. ولذلك تعدى بـ (إلى)، ويحتمل أن يكون (إلى) متعلق بمحذوف أي منتهياً إلى الأرض فيكون في موضع الحال ولا تضمين في نجيناه.

وقال البروسوي: مهاجرا إلى الأرض.

وذكر الآلوسي: أنه قد ضمن نجيناه معنى أخرجناه فلذا عدي بـ (إلى) في قوله إلى الأرض التي باركنا فيها. وقيل: هي متعلقة بمحذوف وقع حالا أي منتهياً إلى الأرض فلا تضمين. وقيل: الصحيح الأول.

أقول: هذا إبرهيم عليه السلام ينجيه ربه مع ابن أخيه لوط من مكيدة تدبر له وذهب المفسرون في (إلى) مذاهب فمنهم من علقها مع مجرورها بحال محذوفة (منتهياً أو مهاجرا) ومنهم من علقها بفعل نجيناه مضمنا معنى أخرجناه، وأخرجناه لفظ فيه استيحاش، يقع في النفس منه شيء، فقد يكون الإخراج مشوكاً أوعرت به السبل، أو فيه من استكراه الحال ما يؤدي.

ولعل في تضمين (أسلمناه) والمتعدي بـ (إلى) ما يهب الأنس به ويصرف الوحشة عنه فهو إلى السياق أميل، وبه أعنى حيث أسلمه مولاه إلى الأرض الطيبة إلى الشام، سليما معافى محفوظا. ولهذا جاء التعبير القرآني في منتهى اللطف والإيناس حين قال عز من قائل: ونجيناه. والنجاة يسرح فيها الطرف على مد النظر تجوب الآفاق بكثرة المشاهد وتعدد الصور من المعجزات والآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>