أو رسول غيره، فأي قلم يملك أن يترجم عن شفافيته؟! حتى اللغة تطرب من سعادتها حين حملت هذا المعنى تيَّاهة بفن من التصوير من البديع الخبير، فأصابت بألفاظها مواقع الشعور انتزعتْها في أسلوب، لتظهرها في أسلوب هو أوفى من سواه وأبدع ... يا له من تقدير ... لم يُحل نبيه على عينه حين أمره بالصبر كما أحال أخاه موسى من قبله، بل جعله في عينه، لا بل في أعينه فلا يغيب عن بصره ... وحسب أرباب البيان أن يتفيئوا هذه الظلال ويستنشقوا من خمائلها ... من زهرها ... من عبيرها ... متذوقين من سَنْا إعجازه على سعته وتناشره.
رعشات بيان من نور المادة اللغوية تجعل اللفظ ينبوع نور يتفجر يخلع على معناه ألوانا بهيجة، تعجز الأقلام عن تصورها.
إبراهيم الخليل، الأواه الحليم - عليه السلام - يتشوف إلى السرِّ في إحياء الموتى! وليس التشوف هذا للبرهان أو تقوية للإيمان بل هو مذاق آخر، بل ليرى القدرة وهي تُعيد ما بدأت لتستروح بها نفسه ... ينشد الاطمئنان حين ينكشف المحجوب عنه، وإلا فالسر يعلو على البشر إدراكه، وإنما يشهدون آثاره.
ويستجيب الحكيم لهذا التطلع (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ).