- انصرفوا عن ديباجته، ولم يكترثوا بعبارته ولا للسياق الذي ينتظم فيه، ويشفع بشرح أحواله، ولا للقرينة التي وجهت مساره، ونبهت على أسبابه لقد وقفوا على اللفظ منفردا فعدلوا عن الصواب. ويبقى للحرف دوره في إدراك المطلب والإبانة عن الغرض، وللسياق حكمه في توجيه المعنى، والدلالة على القصد.
ثم لِمَ جاء التعبير "بوأنا لإبراهيم " ولم يأت اخترنا لإبراهيم؟ لو قال اخترنا لضاع علينا معنى النزول ولو قال بوأنا إبراهيم لضاع علينا معنى الاختيار. فتعدية الفعل بغير حرفه جمعت المعنيين النزول والاختيار.
إنه التضمين ... مَسْهوٌّ عنه، لا يكاد يحاط به. تراه في غاية السهولة حين ينكشف ويتضح، ولكن ما أشد صعوبته حين يستتر فلا يستبين.
يا ليته تبدو أسرّةُ وجههِ ... يا صاحِ مَن يكُ مثلُه لم يُجهلِ
الفعل (استبان) يكون لازما ويكون متعديا، قال الزمخشري: يكون لازما فيتضمن معنى (ظهر ووضح) ويكون السبيل مرفوعاً، وبه قرأ العشر ما عدا نافعاً. ويكون متعديا فيتضمن معنى (استوضح)، ويكون السبيل منصوباً، وبه قرأ نافع وتبعه على قراءته أبو حيان والبيضاوي، وقال الآلوسي: قرأ نافع بالتاء (تستبين) ونصب السبيل أي تستوضح يا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سبيل المجرمين لتعاملهم بما يليق بهم.
وأخلص بعد هذا إلى أن أشق ما تعانيه الحركات الإسلامية اليوم هو