للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَال تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) (١).

ذكر العز بن عبد السلام والزركشي: فرض أي أنزل ليفيد معنى معنى الإنزال. وقال الزمخشري: أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، يعني: الذي حقلك صعوبة هذا التكليف لرادك إلى معادٍ.

وقَالَ تَعَالَى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ).

فرض: وقَّت. وفرض رسول الله: سَنَّ. قاله الفيروزآبادي في القاموس المحيط وقال الآلوسي: فرض فيهن: ألزم نفسه. واستدل من (فيهن) أنه لا يجوز إلا في هذه الأشهر. كما قال ابن عباس وعطاء، إذ لو جاز في غيرهن كما ذهب إليه الأحناف لما كان في قوله فيهن فائدة. وعند الشافعي أن يصير محرما بعمرة.

أقول: حين تعدى الفعل بـ (على) تضمن معنى (أوجب) فجمع وجوب التكليف وتيسيره وأوجب على رسوله تبليغه للناس. رغم مطاردة المشركين، ويسَّر عليه الدعوة بصبره على الأذى حيث نزلت عليه هذه الآية في الجحفة قريبا من مكة موطن الخطر وهو مُطارد من قومه وبلده الذي يعز عليه فراقه، موطن صباه ومهد ذكرياته لولا أن دعوته أعز عليه من بلده، متوجها إلى المدينة المنورة، نعم إنك اليوم مطارد وغدا منصور وعائد فاطمئن إلى وعد اللَّه الذي لا تستريب فيه. وحين تعدى الفعل بـ (في) تضمن معنى التوقيت فجمع مع التوقيت لوازم التكليف، وإنما الفرض من اللَّه الذي فرض الحج ركنا. فأنت إن ألزمت نفسك به نية وعملا، نويت وشرعت في أشهر الحج تكون قد فرضته على نفسك لهذا الموسم فصار مُلزِماً لك، فصرت ملتزما

<<  <  ج: ص:  >  >>