سبحانه فوق نعمة الذكر والنور والهداية والصلاح، وعدهم بأحسن الرزق فأعده لهم وهيأه. فجمع التضمين من وراء اللام إعداد الرزق وتحسين أصنافه وأنواعه على اختلاف جهاته وسما به من واقعه المادي إلى المجال الروحي في تصور المؤمن:
رزق الروح بالتفريد. تتفرد بحبه، فلا تعشق معه سواه.
ورزق القلب بالتجريد. ورزق اللسان بالتوحيد.
وبهذه اللمسة يُنشئ في قلب المؤمن ألا يتعلق بدنياه ولا بأحد سوى الله، ويكون ذلك من تكامل السعادات النفسية، وتعاظم الدرجات الروحانية تُلوِّح وتُبشِّر ... إنه التضمين وإنها اللام جاءت لتصوير المعنى وتشريفه بالإعداد له والتهيئة لصاحبه إعزازا لمقامه وتكريما لمنزلته ويبقى أثر التلميح على النفس غير التصريح والتكشيف.
قال أبو حيان: والظاهر أن (مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) متعلق بـ يحفظونه.
قيل:(مِنْ) للسبب كقولك: كسوته من عري، ويكون معناها ومعنى الباء سواء. يحفظونه بأمر اللَّه وبإذنه، قال ابن جريج: يحفظون عليه عمله، وقال قتادة: يكتبون أقواله وأفعاله، وقرأ علي وابن عباس وعكرمة وزيد وجعفر يحفظونه بأمر اللَّه يؤيد السببية.