وقف علماء النحو في حدهم لحروف المعاني على وظيفتها في الجملة فقالوا: لفظ يدل على معنى في غيره، يربط بين أطراف الجملة، ولم يقفوا عند ماهيته وحقيقة ذاته.
وكان على الحاد أن يُفرق بين الماهية والوظيفية، وأن تكون ألفاظه بعيدة عن العموميات وعن المجاز والمشترك والوحشي. ورحم اللَّه الرازي حين قال: وأحكام اللغات لا تنتهي إلى القطع من الاحتمالات البعيدة. وقال التبريزي: ليس للحرف معنى حتى يقال: إنه مستعمل فيه أو يدل عليه.
والحرف عند علماء الأصول لا معنى له أصلا فهو نظير الحركات الإعرابية: موضوع لمعنى في كير لفظه.
فالحروف أدوات لتوصيل أفعال قاصرة وضعيفة، ولإحداث علاقات، والتعبير عن العلاقات معنى وظيفي لا معجمي، واختصار لعبارات كثيرة.
وهذه عبارة قالها عبد اللَّه بن جفعر لعاصم: هل لكَ بِنا فيه؟ فلا ينجيه منا ما فعل. ولو سألنا القائل بالتناوب عن تفسيره حروف ابن جعفر لانكفأ مبهوتا لا يقطع فيها بيقين.