ذكر أبو حيان والزركشي: أذلة عدي بـ (على) وإن كان الأصل اللام لأنه ضمن معنى (الحنو والعطف). وحكى الزمخشري: أذلة جمع ذليل وأما ذلول فجمعه ذُلُل. ومن زعم إنه من الذل الذي هو نقيض الصعوبة فقد غبي عنه لأن ذلولا لا يجمع على أذلة. فإن قيل فهلا قلت: أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يضمن الذل معنى الحنو والعطف، كأنه قيل: عاطفين عليهم على وجه من التذلل والتواضع. والثاني: أنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ومثله قال الرازي، وقال الآلوسي: لكنه عدي بـ (على) لتضمنه معنى العطف والحنو المتعدي بها، وقيل: للتنبيه على أنهم مع علو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم. ولعل المراد بذلك أنه استعيرت (على) لمعنى اللام ليؤذن أنهم غلبوا غيرهم من المؤمنين في التواضع حتى عَلَوهم بهذه الصفة، وكون المراد به أنه
ضمن الوصف معنى الفضل والعلو، يعني أن كونهم أذلة ليس لأجل كونهم أذلاء في أنفسهم بل لإرادة أن يضموا إلى علو منصبهم وشرفهم فضيلة التواضع، لا يخفى ما فيه لأن قائل ذلك قابله بالتضمين فيقتضي أن يكون وجها آخر لا تضمين فيه. وقيل: عُديت الذلة ب (على) لأن العزة في قوله: (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) عُدِّيت بها كما يقتضيه استعمالها وقد قارنتها فاعتبرت المشاكلة.