وقد صرحوا إنه يجوز فيها التقديم والتأخير، وقيل: لأن العزة تتعدى بـ (على) والذلة ضدها فعوملت معاملتها من حمل النقيض على النقيض كما يحمل النظير على النظير. أ. هـ. ومثله قال البروسوي.
أقول: وإذا كان حُب اللَّهِ لعبدهِ لا نظيرَ له في مذاقات الحب ولا شبيه، فإن حُب العبدِ لربه ما استطاعت أن تصوره حتى فلتات ألسنة كبار المحبين وأقلام العارفين. والمفهوم من المحبة لله هي على حقيقتها، وهي غير القُربات والطاعات فيما ذهب إليها كثير من المفسرين. فقد نفاها الأعرابي عن نفسه، إذ ليس في جعبته منها شيء وأثبت حبه الخالص فقط حين سأل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن الساعة فقال له:" وما أعددت لها؟ قال: حب اللَّه ورسوله، فقال صلوات ربي وسلاماته عليه: " المرء مع من أحب ".
نعم الحب ... إنه الروح الشفيف ... اللطيف ... البهيج ... الندي ... البشوش ... لا يملك مذاقه إلا العارفون. ومن ذاق فقد عرف.
اللَّه الجليل في ملكوته ... في عظمته ... يتفضل على عباده بالحب ... حبا يليق بجلاله، فأي قلم يملك التعبير عنه، بل أي عبارة تحيط بكنهه؟!.
إن التصور الإسلامي يجعل العلاقة بين حقيقة العبودية والألوهية علاقة ندية ودودة وليست قسرية ولا قهرية رغم تنزيه الجليل المنعم المتفضل، ومن يملك أن يحيط بمداليلها وشعبها!.
ولعل التضمين في (ذل) معنى (حدب، وعطف، وحن) المتعدي بـ (على)،