لأن السمع متعلق الأقوال والأصوات دون غيرها فاللام على بابها إلا أنها تؤذن معنى زائداً، وهو الاستجابة المقارنة للسمع، فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد وهو الاستجابة (لمن حمده) وهذا مثل قوله سبحانه: (قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ).
المطلب الرابع: التضمين يجعل الفعل المتعدي بحرف متعديا بآخر
وحين أمسَّت العربُ الفعل بحرف لا يألفه، ولا يأنس به، فقد ابتغَوْا الإيجاز والإعجاز في تضمينه، فلا يكون معناه في هذه الحال مصرحا به مكشوفا عن وجهه، ولكن مدلولا عليه بفعل مضمن فيه، من طريق يخفى ومسلك يدق، وبذلك يكون ألطف لمكانه وأعلى لشأنه، وفيه من الحسن والرونق، والمزية والوصف ما لا يكون مع التصريح والتكشيف.
وأسوق هذه النماذج على سبيل المثال:
(تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يعني تهوي لهم، تضمن معنى تميل.
(أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ) يعني عليها عاكفون، تضمن معنى قذس.
(وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) أي على عبادته، تضمن معنى اثبت لعبادته.
(وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى) نجيناه من، تضمن معنى أسلمناه.
(وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ) أي على القوم، تضمن معنى عصمناه وأجرناه ومنعناه.
(لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) أي فقير إلى ما أنزلت، تضمن معنى [مُعتفِّفٍ].