أقول: والحق أن تضمين الحروف لا حقيقة تحته. ولعل الهداية هنا تضمنت معنى (البيان والتبيين). فالقرآن إنما أنزل ليبين للناس أقوم السبل. فمن خصائصه التوضيح والتبيين لئلا يكون للناس على اللَّه حجة. ومن شرف هذه اللغة أن تجد ألفاظا عدة تؤول بمقتضى الصنعة إلى معنى واحد بالملاطفة والإكثاب. فالأفعال (بيَّن ووضَّح وأعلن) تتعدى باللام فالقرآن يوضح لأتباعه أقوم السبل في تفجير الطاقة الإنسانية للعمل والبناء ويبين لأتباعه أقوم المناهج والأنظمة في الحكم والاجتماع والتعامل الدولي ... ويعلن لأتباعه أقوم المشاعر في العلاقات الإنسانية، وصيانة حرماتها وحقوقها، فالقوامة مطلقة (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) فيمن يهديهي وفيما يهديهم في كل زمان ومكان.
وكان اللام جاءت مع الفعل (هدى) لتفتح له منافذ، ليكون على ما ذكرناه شاهدا، سائغا شرابه، فسياقه يعطيه مذاقه ويمنحه جماله فهو محير ولكن الحسن كذلك.