للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) (١).

ذكر العز: وتخشى مضمن معنى (تستحي الناس). عادة جاهلية متأصلة عميقة الجذور في المجتمع، رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مندوب لتقرير قاعدة جديدة (إحلال مطلقات الأدعياء) نزلت في زينب بنت جحش رضي اللَّه عنها، لتحطيم الفوارق الجاهلية الموروثة، فزيدٌ من الموالي تبناه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وزوّجه زينب ابنة عمته ليبطل هذه العادة.

ضريبة باهظة ما كان سواه صلوات اللَّه عليه قادرا على احتمالها، يواجه بها مجتمعه الكاره لها، ويتوجَّس من مواجهته بها ولم تكن الآيات قد نزلت بها بعد.

وقال الراغب: الخشية: خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون عن علم بما يُخشى منه، ولذلك خُص العلماء بها (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وقال الآلوسي: تخاف من اعتراضهم، وقيل: تستحي وقال البروسوي: إشفاقاً منه عليهم ورحمة بهم، وتخشى عليهم أن يقعوا في الفتنة.

أقول: لعل التضمين وقع من حيث صَرَف الخشيةَ إلى الناس، وإنما يُصرفُ إلى الناس الحياء. والخشية محصورة باللَّه عز وجل. فقد ضمن الخشية الحياء فعداه بنفسه والحياء يتعدى بحرف الجر (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>