للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن خفيت عنا اليوم فقد كانت بادية الصفحة للسلف إذ كانوا ألطف أذهانا وأسرع خواطر وأجرأ جنانا، وأذهب في الأنس بها والتورد لها.

والأمر في هذا أظهر، وشواهده أسْير وأكثر.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ).

قال الزمخشري: تنبت وفيها الدهن، وقُرئ تُنبت، وفيها وجهان: أحدهما: أن أنبت بمعنى نبت وأنشد لزهير:

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ... قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل

والثاني: أن مفعوله محذوف: أي تُنبت زيتونها وفيه الزيت، وقُرىْ: تُنبَت بضم التاء وفتح الباء، وحكمه حكم تُنبإ. قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تُنْبِت) وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر (تَنْبُت) وقرأ ابن مسعود: (تخرج الدهن وصبغٍ للآكلين) وغيره: تخرج بالدهن أي تثمر بالدهن وعن بعضهم: تنبت بالدهان.

وقال الآلوسي: الباء للملابسة والمصاحبة مثلها في قولك: جاء بثياب السفر وهي متعلقة بمحذوف وقع حالا من خبر الشجرة أي تنبت ملتبسة بالدهن وهو عصارة كل ما فيه دسم، والمراد هنا الزيت وملابستها به باعتبار ملابسة ثمرها، فإنه الملابس له في الحقيقة. وجَوّزَ أن تكون الباء متعلقة بالفعل مُعدية له كما في قولك: ذهبت بزيد كأنه قيل: تُنبت الدهن بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>