للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا).

ذكر العز بن عبد السلام: تضمن يستحبون معنى يختارون ويؤثرون الحياة الدنيا على ثواب الآخرة.

وأورد الآلوسي: يستحبون أي يختارونها عليها، فإن المختار للشيء يطلب من نفسه أن يكون أحب إليه من غيره. فالسين للطلب، والمحبة مجاز مرسل عن الاختيار والإيثار بعلاقة اللزوم، ولاعتبار التجوز عُدي الفعل بـ (على).

ويجوز أن يكون استفعل بمعنى أفعل كاستجاب بمعنى أجاب. والفعل مضمن معنى الاختيار، والتعدية بـ (على) هي لذلك.

وذكر الزمخشري، وردده أبو حيان: أن الاستحباب هو الإيثار والاختيار وهو استفعال من المحبة لأن المؤثر للشيء على غيره كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحب إليها وأفضل عندها من الآخرة.

أقول: لقد تضمن (الاستحباب) معنى (الإيثار والتفضيل) وهذا معناه: فقدوا التوازن بين الحياتين، وتعطل إدراكهم عن فهم كل من الحياتين على الحقيقة، فانتهى بهم إلى تقويم فاسد حين آثروا الفانية على الباقية يلتمسون الدنيا من غير وجهها لأن نعمة اللَّه لا تلتمس إلا بطاعته.

وحين يفضل بعض الناس دنياهم على أخراهم، ويؤثرونها بالحب، عندها يبغونها عوجاء لا استقامة فيها ولا عدالة، فيصدون عن الهدى والحق،

<<  <  ج: ص:  >  >>