قال الجمل: قوله عليكم متعلق بـ أتممت ولا يجوز تعلقه بـ نعمتي، وإن كان فعله (أنعم) يتعدى بـ (على) لأن المصدر لا يتقدم عليه معموله إلا أن ينوب منابه، ومثله قال الآلوسي. وقال العكبري: عليكم يتعلق بـ أتممت، فإن شئت جعلته للتبيين أي: أتممت أعني عليكم. (تَمَّ) يتعدى باللام قال تعالى: (أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا) وقال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).
أقول: ولعل تضمين أتم - والذي لا يتعدى بـ (على) في مثل هذا المساق - معنى (أسبغ) والمتعدي بـ (على) أفاد معنى الشمول الوارد في قوله تعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً). ما ظهر لكم من جليلها وما خفي عنكم من أسرارها. فجمع التضمين - والذي كشف عنه الحرف على - معنى الإتمام من النعم المعنوية، والإسباغ من النعم الحسية فجمع الخير كله فأوعى.
أجل ... نِعَمُ اللَّه رفعتنا عن سفح الجاهلية بانحرافاتها وأصنامها إلى أفق التوحيد الشفيف الرفيع، وحررتنا من سلطان الكهانة والخرافة والزعامة والسيادة فأتم نعمه وأسبغها علينا ظاهرة فيما أدركنا من أوضاع الجاهليات