القديمة والحديثة، وباطنة فيما لم ندركها بعد. نعم (أَكْمَلْتُ) فلا نقص يستدعي أن يكمله أحد من المخرفين ولا ظروف طارئة أو مستجدة تستدعي التطوير من ماكر أو خبيث، فأحكامه وتشريعاته ستبقى إلى قيام الساعة.
(وَأَتْمَمْتُ) فلا داعي إلى المزيد وأسبغت فلا مجال للتضييق والتعسير.
فمن تزيد في هذا الدين من مبتدع أو متنطع فقد زعم أن في هذا الدين نقصاً فجاء ليتمه، ومن ضيَّق وعسَّر فقد جاء التشريع ينقذه من ضيق الحس المحدود، يسبغ عليه نعمه بسعة المنهج ورُحْب النظام، ورضيت لكم هذه النعمة ونعمتي هذه - نعمة الإسلام - لا يدركها إلا من ذاق ويلات الجاهلية الحديثة والخبيثة في تصوراتها الاعتقادية ومناهجها الضالة المضلة، في تمزقها وخوائها وضياعها وحيرتها ... والرضا لنا بهذه النعمة - نعمة الإسلام - المحفوظة في الكتاب والسنة ودوامها باق على هذه الأمة لزيمٌ لها ما تمسكت بدينها إلى قيام الساعة. فارعَ هذه الحروف حق رعايتها مع إنعام الفحص عنها لتعطيك ثمارها. بقي سؤال: ما الفرق بين الإتمام والإسباغ؟ ولمَ اختير الأول؟ الإسباغ معناه التوسعة وضده التضييق فالإسلام سمح والشريعة ميسرة لا عنَتَ ولا مشقة ولا تضييق لعلمه سبحانه بضعف الإنسان فهذا الدين بتكاليفه وعباداته وشرائعه ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته. أما الإتمام فضده النقص، ولذلك اختاره؛ فجمع التضمين المعنيين الإتمام والإسباغ وفاز بالحسنيين ليرتعَ المتنزه في خمائله متذوقاً من عبير جناته.