والقبول مدلولاً عليه بسياقه الشافع له؛ فأوحى بالغرضين وأثرى المعنى وأغناه وجمع شَعَاعه وأبدى عن مَكنونه. ولو جاء بغير هذه اللام لما خرج عن معنى فذ والذي هو الرضا وحسب.
ذهب الزمخشري وتبعه أبو حيان إلى أنْ تتهافت سائر الأنفس فيما تعرضت له أعز نفسٍ عند اللَّه من شدةٍ وهولٍ فضلا عن أن يضنُوا بأنفسهم على ما سمح بنفسه صلوات اللَّه وسلامه عليه.
وقال القرطبي: لا يرضون لأنفسهم بالخفض والركد ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في المشقة. يقال أرغبت عن كذا: أي ترفعت عنه؟ وذكر الجمل: أن الباء - بأنفسهم - للتعدية ويصح أن تكون للسببية أي بسبب صونها. ورغبت عنه أي أعرضت عنه. وذكر أبو السعود: في معنى (لا يرغبوا) أي لا يصرفوها عن نفسه الكريمة ولا يصونوها عما لم يصن عنه نفسه. بل يكابدون معه من الأهوال والخطوب. جاء الكلام في معنى النهي لان كان على صورة الخبر.
وذكر أستاذنا سعيد الأفغاني:(يرغبوا) تضمن معنى (يبخلوا).
أقول: تأنيب خفي لكنه موجع يستنكر مبدأ التخلف عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لمن يدعي صُحبته من الصفوة المختارة. فلا يحق لهم أن يُؤثروا أنفسهم عما يتحمله رسول اللَّه. ولا عذرَ لهم في أن يُشفقوا على أنفسهم عن مثل ما