للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يتضمن (الظلم) معنى (التكذيب) ... والكَذَبَة يفترون على اللَّه وعلى الناس ما شاؤوا ... لطمس الحقيقة وأي ظلم أفحش من طمس الحقيقة!!

هكذا يجمع التضمين فوارد المعنى، فيعلو فيه قدره، وتسبق إلى الأنفس ثقته.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١).

ذكر الزمخشري: أي لا يُنقصهم شيئا مما يتصل بمصالحهم، من بعثة الرسل وإنزال الكتب ولكن يظلمون أنفسهم بالكفر والتكذيب. وذكر ابن عباس: لا يُنقصهم من حسناتهم ولا يزيد على سيئاتهم. وقال الآلوسي: (شيئا) مفعول ثانٍ ليظلم بناء على أنه مضمن معنى (يُنقص).

أقول: ولعل البخس أدنى إلى الظلم من النقص وأسوغ، فهل بخسهم ربهم حقهم في تبيين أسباب الهداية.

لقد وفر لهم كل مقوماتها ... فلم يطمس جوارحهم لئلا تتعطل وظائفها، وأنزل لهم الكتاب، وبين لهم المنهج، وأرسل رسوله يبلغهم دعوته، فنفى تعالى بذلك الظلم عن نفسه. ولكنهم عطَّلوا حواسهم مختارين في تكذيبهم للحق، وعنادهم الصفيق للهدى، فارتكبوا أعظم القبائح بحق أنفسهم ومجتمعهم في تعطيل مداركهم، فليس بعد هذا وسيلة أخرى تنجح معهم بهذا الشمول وبهذه الدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>