أقول: وإذا كان الجحود معناه الإنكار وضده الإقرار، والكفر معناه التغطية والستر، فقد جمع التضمين كلا المعنيين وما اشتملا عليه من علائق الصنعة وخصائص الحكمة.
ما أضخم الذنب وما أشنع الجريمة؟! ... جحدوا آياتٍ ... وعصوا رسله ... أليست الرسالة واحدة؟ فمن عصى رسوله فقد عصى الرسل جميعا.
وجمعُ الرسولِ هنا مقصود لتضخيم الجريمة وإبراز شناعتها، ومن أنكر آية عن علم فقد كفر.
أرأيت كم احتوت مطاوي اللفظ في التضمين من انتشار وامتداد، يصوغه سبحانه على طريقة يُصيب به مواقع الشعور!!
* * *
قَالَ تَعَالَى:(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا) قال العز: لا يجرمنكم معناه: لا يحملنكم على الجريمة؛ لإفادة المعنيين. قال الجمل: ضمن يجرمنكم معنى يحملنكم، ومن ثم عداه بـ (على) أو يكسبنكم وهما متقاربان، وذكر الزمخشري: عدي يجرمنكم بحرف الاستعلاء مضمنا معنى فعل يتعدى به كأنه قيل: ولا يحملنكم بغضكم للمشركين على أن تتركوا العدل فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل لكم من مَثُلة أو قذف أو قتل أو نقض عهد. وقال الآلوسي: لا يجرمنكم: لا