قال أبو حيان: عدي الفعل باللام على سبيل التضمين، أي اثبت بالصبر على عبادته، وأصله أن يتعدى بـ (على)، (وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) أ. هـ، ومثله البيضاوي.
وقال الآلوسي: لا يلائم - كما في الكشف - فصاحة التنزيل للعدول عن السبب الظاهر إلى الخفي وتعدية الاصطبار باللام مع أن المعروف تعديته بـ (على)، كما في قوله تعالى:(وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيها فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز: اصطبر لقرنك: أي أثبت له فيما يورد عليك من شدّاته، وفي إشارة إلى ما يكابد من المجاهدة وأن المستقيم من ثبت لذلك ولم يتزلزل.
وقال الزمخشري: فإن قلت: هلا عدي اصطبر بـ (على) التي هي صلته، كقوله (وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)؟ قلت: لأن العبادة جعلت بمنزلة القرن في قولك للمحارب: اصطبر لقرنك، أي اثبت له فيما يورد عليك من الشدائد، يريد أن العبادة تورد عليك شدائد ومشاق، فاثبت لها ولا تَهِن، ولا يَضِق صدرك عن إلقاء عداتك من أهل الكتاب إليك الأغاليط، وعن احتباس الوحي عليك مدة، وشماتة المشركين بك.
أقول: اصطبر على وزن افتعل، ومن معاني هذه الصيغة: الاجتهاد والطلب. تقول: اكتسب: اجتهد في طلب الكسب، والاجتهاد في طلب الصبر هو السكينة والراحة والطمأنينة المتعدية باللام، وبذلك يؤدي الغرض