الظاهر: وأصلح لي ذريتي، وقيل: بـ (في) لتضمنه معنى (الطف) أي الطف بي في ذريتي والأول أحسن.
أقول: لقد ضمن الزمخشري وغيره كما ذكرت فعل (أصلح) معنى (الطف أو هب) ولطف يتعدى بالباء لا باللام قَالَ تَعَالَى: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ). ولعل السياق يعدل بنا عن (الطف) إلى (بارك). والمتعدي باللام وبفي. لدلالة تضمنه على الغرض من الدعاء. فإذا دعا بنزول البركة، وحلَّتْ على الذرية فهذا ثمرة الإصلاح وغايته، إذ كيف يبارك اللَّه في ذرية غير صالحة، وكيف تكون موطنا للصلاح إن خلت من البركة؟! فجاء اللفظ كالتنبيه على الأخذ بالأسباب لتطلب، ويُجتَهد في تحصيلها. فإذا دعا بالبركة فقد دعا بتوفر أسبابها، وأعلاها وأجلها الصلاح.
إن أمل المؤمن وقد ودَّع شطرا من عمره، وهو على أبواب شطر آخر، لا يدري منتهاه أن يبقى له عمل صالح من بعده، ويتحقق له ذلك لو بقي موصولا في ذريته، ولا أروح لقلبه من أن يرى في عقبه صالحا يدعو له بالبركة ويستكثر منها ويستزيد، وهي آثر عنده من كنوز الدنيا وزينتها ... أرأيت إلى التضمين في حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه، لعنايته بالمعنى، وتَحقيه به، وتزكيته، وتصويره إياه!