للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم أراد أن يُمدهم: لئن كنا نقاتل الناس فما بنا من ضعف، ولئن كنا نقاتل اللَّه كما يزعم محمد فما لأحد باللَّه من طاقة. فإذا هلكوا كفارا بعد هذا فإنما يهلكون (يضلون) عن بينة. ومن حيَّ مؤمنا منهم فإنما يحيى (يهتدي) عن بينة.

فالهُلك والحياة تضمَّنتا معنى (الضلالة والهداية)، لأن المعركة بظروفها التي رافقتها كشفت عن بينة لا تُنكر، وتدبير ليس من تدبير البشر.

فالتضمين في لفظ: إنما يكون للعناية بما وراءه فالهُلك يؤنسك حين يرد مع الكفرة العتاة، ويوحشك حين يتعرض له المؤمنون. أما حمل الهلاك هنا على معنى الموت فترجيم إن أشْرفتَ عليه ظنا جاءك السياق بخلافه نصا، إذ كيف تكون الحياة عن بينة إن لم تتضمن معنى (الهدى والإيمان)؟ والعرب إذا أعطت للفظ حُكما قابلت ذلك بإعطاء المأخوذ منه حُكما من أحكام صاحبه عِمارة لبينهما، وما هو في معناه محمول بتأويلٍ عليه، والأمر في هذا أظهر وشواهده أكثر وأسير.

* * *

قَال تعالى: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ).

ذكر الزمخشري: تسرع وتطير نحوهم شوقاً، وهذا المعنى يتعدى باللام (هوت كف الوليد لها) وقرأ تهوى إليهم من هوى يهوى: إذا أحب.

ضمن معنى تنزع فعدي تعديته.

وذكر القرطبي: تهوي إليهم: تنزع. هوي نحوه إذا مال. وهوت الناقة هويا: عدت عدوا شديدا (وتهوي إليهم) مأخوذ منه. قوله تهوي إليهم: تحن إلى زيارة البيت. [وقرأ مجاهد: تَهْوَي إِلَيْهِمْ]: أي تهواهم وتجلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>