لهم أراد أن يُمدهم: لئن كنا نقاتل الناس فما بنا من ضعف، ولئن كنا نقاتل اللَّه كما يزعم محمد فما لأحد باللَّه من طاقة. فإذا هلكوا كفارا بعد هذا فإنما يهلكون (يضلون) عن بينة. ومن حيَّ مؤمنا منهم فإنما يحيى (يهتدي) عن بينة.
فالهُلك والحياة تضمَّنتا معنى (الضلالة والهداية)، لأن المعركة بظروفها التي رافقتها كشفت عن بينة لا تُنكر، وتدبير ليس من تدبير البشر.
فالتضمين في لفظ: إنما يكون للعناية بما وراءه فالهُلك يؤنسك حين يرد مع الكفرة العتاة، ويوحشك حين يتعرض له المؤمنون. أما حمل الهلاك هنا على معنى الموت فترجيم إن أشْرفتَ عليه ظنا جاءك السياق بخلافه نصا، إذ كيف تكون الحياة عن بينة إن لم تتضمن معنى (الهدى والإيمان)؟ والعرب إذا أعطت للفظ حُكما قابلت ذلك بإعطاء المأخوذ منه حُكما من أحكام صاحبه عِمارة لبينهما، وما هو في معناه محمول بتأويلٍ عليه، والأمر في هذا أظهر وشواهده أكثر وأسير.