قَالَ تَعَالَى:(وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) أقبل لا يتعدى بـ (في)، قَالَ تَعَالَى:(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) وقال سبحانه: (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ) وحين تعدى بغير حرفه المعتاد كان لا بد من حمله على التضمين. قال البيضاوي: أي أصحاب العير التي توجهنا فيهم. ومثله قال البروسوي، فضمن أقبل معنى (وجه) والمتعدي بـ (في) كما في اللسان: وجهته في حاجتي.
أقول: لعل الإقبال يتضمن في سياق الآية معنى (السلوك)، ويكون معنى الآية: واسأل أصحاب العير أو القافلة التي سلكنا فيها. أما في الذاريات:(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) فالإقبال في هذا السياق يحمل معنى (الشروع): شرعت في الصياح. أو كما قال أبو السعود: في صيحة من الصرير. أو كما قال الزمخشري: فجاءت صارَّة وجهها وإنما جاء الإقبال بدل الشروع ليكون باعثا على استحضار الخاطر فيما بدا عليها من استغراب، وما وقع في نفسها من استحسان. فإذا سأل سائل بعد هذا لم جاء التعبير بلفظ الإقبال في سورة يوسف بدل السلوك؟! أقول: كان سلوكهم في أصحاب العير في القافلة في غرض الإقبال على أبيهم. ومن أجل هذا استغنى عن المعلول