فالوقوف على المعنى الحرفي من أسباب القصور في الفهم لأنه يُهمل المعنى الدلالي والذي فيه المعنى الاجتماعي وحين يعدل الحكيم سبحانه من لفظ إلى لفظ فلنتنبَّه على أسبابه، ويتجلى لنا وجه الحكمة في اختياره، فلا تأتيك المعاني مُصرحاً بها مكشوفاً عن وجهها بل من وراء حجاب لتكون أبهى وألطف فلا يكاد يحيط بمدلول معنى اللفظ وإدراك مطلبه من لم يألف مذاهب هذه اللغة الشريفة، انظر قوله سبحانه:(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) الجزء الثاني من هذا الكتاب.
[المطلب العاشر: تضمن الفعل الناقص معنى الفعل التام]
برح وزال وفتئ وانفك. هذه أفعال ناقصة شريطة أن يتقدمها نفي أو نهي أو دعاء كما في قوله تعالى:(لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ). أما في قوله تعالى:(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) فهذه تامة لأنها تضمنت معنى فارق. والأرض هنا مفعول به كما قال أبو حيان. وبرح تكون تامة بمعنى غادر وبمعنى ظهر ومنه: برح الخفاء، أي ظهر، انتصبت الأرض على أنه مفعول به ولا يجوز أن تكون ناقصة لأنه لا ينعقد من اسمها، والأرض المنصوبة مبتدأ وخبر.