قال الزمخشري: اجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها.
وقال الرازي: قال فيها ولم يقل منها لئلا يكون ذلك أمرا بأن يجعلوا بعض أموالهم رزقا لهم بل أمرهم أن يجعلوا أموالهم مكانا لرزقهم بأن يتجروا فيها ويثمروها فيجعلوا أرزاقهم من الأرباح لا من أصول الأموال.
وذكر الآلوسي: جوز بعضهم أن تكون (في) بمعنى (من) التبعيضية.
وقال أبو حيان: اجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتربحوا حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فلا يأكلها الإنفاق، وقال فيها ولم يقل منها تنبيها على ما قاله عليه السلام:" ابتغوا في أموال اليتامى التجارة لا تأكلها الزكاة "، والمستحب أن يكون الإنفاق عليهم من فضلاتها المكتسبة. وقيل: في بمعنى من أي منها.
أقول: فتضمين (رزق) معنى (اتجر) كان من وحي الحرف (في) وتوجيهه، حين تسلط عليه فعل لا يتعدى به. أما سياسة التناوب والتعاور:(في) بمعنى (من) فتستنكرها مصلحة اليتيم، ويستهجنها أهل النظر، إذ تفوت عليهم كثيرا من اللطائف. فالنص جاء حمايةً لمال اليتيم على أساس من التكافل الاجتماعي وحمايةً لمصلحته، فلا ينفق ما ورثه في سنوات معدودات ثم يمد يده إلى الناس أعطَوْه أو منعوه ... حماية اليتيم في حفظ ماله كانت بإنشاء تشريع يدير لليتيم أمواله في تجارة رابحة ويرعى مصالحه رعاية حسنة أمينة في نظام خاضع للرقابة الإلهية،