و (أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ) و (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) و ... وموسى طلب من ربه أن يوحي إلى أخيه بالرسالة بلفظ (أرسلْ) أي أوحِ إليه بالرسالة: صيره رسولا. فجمع التضمين المعنيين الوحي والرسالة. ويأتي الجواب من ربه (كلا) بالردع تعقيبا على ما رغب فيه أو خاف منه: أخاف أن يكذبون ... ويضيق صدري ... ولا ينطلق لساني ... فأرسل إلى هارون ... فأخاف أن يقتلون.
ويذهب جُل المفسرين إلي إيقاع لفظ كلا على آخر حديث موسى (فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا) ويأتي التعقيب (فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وهل يرد التأكيد بالتثنية في هذه الأوامر لولا ما أفاده النص (فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ) من استجابة الدعاء؟!.
سياق القصة يطوي المسافات والأبعاد والأزمان ويترك فجوات بين المشاهد، ليصل إلى المواقف الحية مباشرة، لقد استجاب اللَّه دعوة موسى عليه السلام فإذا هارون عليه السلام رسول مع أخيه (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ).
أرأيت إلى حروف المعاني كيف سخرها التضمين في هذه اللغة الشريفة لتنهض بالمعنى إلى غايته وتكون مرقاة إلى تدبره! إنه التضمين:
له غاية تُحيي القلوب ونظرة على كثرة الأغراض تهدي إلى الرشد