إتقان الصنعة وحُسْنِها (فيما صنع وسوَّى وأبدع) فيرقى إلى حد الجمال والكمال: جمال الصورة وكمال التكوين في كل ما خلق مع تناسق الكل في هذا الوجود. تلفتنا الآية في كل ما حواه التضمين من هذه اللطائف إلى الاستمتاع بها ليتتبع القلب اليقظ مواطن الحسن والجمال في هذا الوجود.
ولا يدرك القلب هذا النعيم إلا حين يستيقظ من الإلْفَة، ويبصر بنور اللَّه الأشياء كما أبدعها الصانع، فيحس بالصلة بين المبدع وما أبدع، فيزيد شعوره بجمال ما يرى ويحس. إن هذا الوجود جميل، وإن جماله لا ينفد، هذه الفراشة ... هذه الوردة ... هذه النجمة ... تلك الغيوم ... في هذا الوجود متناسقة لا عوج فيها ولا فطور. يلفتنا كتاب ربنا إليها لنتملاها وهو يقول:(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) ليوقظ القلب فيتتبع مواطن الحسن والجمال في هذا الوجود.
إنه التضمين كلما زدته فكراً زادني معنى، أتعرف أسراره ليفتح القلب على لطائفَ من هذه اللغة الشريفة.
أحسن يتعدى بـ (إلى). قال:(وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ).
وقد يتعدى بالباء (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ولا يتعدق الجار والمجرور بـ إحسانا لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته ذكر ذلك أبو حيان والعكبري: وقد يكون ضمن (أحسن) معنى (لطف). وقيل: المفعول محذوف أي (صنعه).