قَالَ تَعَالَى:(قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ)(١). (ترك) لا يتعدى بـ (عَنْ)، فذهب أكثر المفسرين - كالزمخشري وأبي السعود - إلى تعليق الصلة بحال محذوفة وقدروها (صادرين) وضمنها بعضهم (معرضين) وذكر السيوطى، والجمل: أن (عن) بمعنى (اللام) وتبعهم في ذلك الآلوسي فقال: عن قولك: بسبب قولك المجرد عن البينة، فعن للتعليل كما في قوله تعالى:(إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ) وإليه أشار ابن عطية في المحرر الوجيز.
أقول: واللجوء إلى التقدير فيه استثقال لنفور الحس عنه، سواء كان التقدير صادرين أو معرضين أو غير ذلك وتضمين (عن) معنى (الباء) أو اللام غير محتفل به. ولعل التضمين في الفعل ينجينا من المسلك الوعر. وتضمين (ترك) معنى (نحّى) ئؤدي الغرض، وينسجم مع السياق، ويذهب في استحسانه. فما نحن بمنحّي آلهتنا عن زعمك الذي زعمت في توحيد الربوبية والألوهية، ولا بمخالفيها عما أفصح به لسانك فكيف بتركها؟!