أنه يفلت من العقوبة - أن يسبقونا؟! - فكما أن الابتلاء سنة لامتحان الصادق والكاذب، كذلك أخذ المسيء بإساءته سنة لا تتخلف لامتحان القلوب، وتمحيص الصفوف، ففي الحديث قال عليه الصلاة والسلام:" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء ". ويستكمل المعنى بالصورة الندية للقلوب المؤمنة، صورة الراجي المشتاق إلى لقاء اللَّه بأنه السميع وأنه العليم.
* * *
قَالَ تَعَالَى:(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)(٢). قال الطبري: اللام بمعنى إلى أي فإساءتها راجعة إليها ومثل ذلك قال الزركشي.
وعند الزمخشري: أنها للاختصاص، فالإحسان والإساءة مختص بأنفسكم لا يتعداه إلى غيركم.
وتعقبه الآلوسي: بأنه مخالف لما في الآثار من تعدي ضرر الإساءة إلى غير المذنب، اللهم إلا أن يقال: إن ضرر بني إسرائيل لم يتعدَّهم، وفيه تكلف لأن الثواب والعقاب الأخرويين لا يتعديان وهما المراد هنا. وقيل: اللام للنفع كالأولى ولكن على سبيل التهكم ولذا قيل: إن تكرير الإحسان