للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا لم يمنحها لأحد من رسله مما يُكتب وُينشر عن سيرته العطرة، ولكن المراد علو الأخرة، فلذلك جاء بلفظ البعث، فجمع التضمين المعنيين: أحدهما مدلولا عليه بالتعريض والتلميح لتبدو محاسنه والآخر بالتصريح مَنْبهةَ على غرضه، فتعدى إلى مفعولين، وهكذا ألقى التضمين النورَ في المادة اللغوية فحلِيت به وأنِقتْ له، لِتَتَزَاحَمَ الأغراض على جهاته حسب انتظامه في سياقه وتسليكه في عبارته، فاعتاده كلما مسَّت بك الحاجة إليه فهو مما يستعان به ويفزع إليه.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (٢).

وقال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (٣).

فإن قلت: كيف تعلق قوله (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) بفعل البلوى؟ قلت: من حيث تضمن معنى العلم، فكأنه قيل: ليعلم أيكم أحسن عملا. فإن قلت: أتسمي هذا تعليقا؟ قلت: لا إنما التعليق أن توقع بعده ما يسد مسد المفعولين جميعا كقولك: علمت أيهما عمرو، وعلمت أزيد منطلق. هذا ما رآه

الزمخشري. أما أبو حيان فيقول: أصحابنا يسمون ما منعه الزمخشري تعليقا، فيقولون في الفعل إذا عدي لاثنين ونصب الأول وجاءت بعده جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>