تعرضت له نفس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في سبيل دعوته في الحر والبرد في الشدة
والعسْر يواجه أعباء الدعوة ولأواءها. إنه النذير، وإنه النكير على مَن تخلف
من أهل طيبة الطيبة ومَن حولها.
السياق إذاً سياق استنكار على أهالي المدينة المنورة أن يؤثروا أنفسهم على رسول الله، وهم أصحاب هذه الدعوة وهم قاعدتها الصُلبة. أيشفقون على أنفسهم ورسول اللَّه يواجه تكاليف دعوة ربه؟! فالرغبة عن نفس نبيهم تضمنت الضنانة بأنفسهم عنه، ولذلك جاء التأنيب (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أي لا يليق بهم أن يتخلفوا عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ولا يبخلوا بأنفسهم عنه. وهكذا يصير التضمين وسيلة كشفٍ عن خبايا النفوس، ليتفتح اللفظ عن رصيده حين يقع في السياق الذي يستدعيه فلا أزعج من أن يقال عن المتخلف: إنه يرغب بنفسه عن نفس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الذي تفتديه الأنفس. وهو يزعم أنه جندي من جنود الدعوة، وأنه يتأسى بقائده الحكيم.
قال الطبري: فإذا فرغت من أمر الدنيا فاجعل رغبتك له فجعل (إلى) بمعنى (اللام). وقال الزمخشري: اجعل رغبتك إليه خصوصا وعنه نقل الجمل. وقال البيضاوي: فارغب بالسؤال ولا تسأل غيره.
أقول: حين يتعدى الفعل رغب بـ إلى يتضمن معنى الضراعة ففي حديث