والتضمين في الفعل موضع شريف، أكثر الناس يضعف عن احتماله لغموضه ولطفه، والمنفعة به كبيرة، والاستناد إليه مُجْدٍ، وهو مَعلَم من معالم سَداد عقول أصحابه، دل على فضيلة لغتهم، وأن في طباعهم قبولا لها.
فالتضمين النحوي إذاً سبب من أسباب تعدي الفعل ولزومه وذلك، بأن نشرب فعلا لازما أو أحد مشتقاته معنى فعل متعد ليتعدى تعديته:(وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) قد ضمن تعزموا معنى تنووا فعدي تعديته. أو أن نُشرِب فعلا متعديا أو أحد مشتقاته معنى فعل لازم ليصير لازما مثله:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) ضمن (يخالف) معنى (يخرج) فصار إلى اللزوم.
ويختص التضمين عن غيره من المعديات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة ولذلك عدي (ألوت) إلى مفعولين بقصر الهمزة بمعنى (قصرت) بعدما كان قاصرا (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا) لما ضمن معنى (لا أمنعك). وعدي (أخبر وخبر وحدث وأنبأ ونبأ) إلى ثلاثة مفاعيل لما ضمن معنى (أعلم وأرى) بعدما كان متعديا لواحد بنفسه وإلى الآخر بالباء (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ)(نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ)
[المطلب الأول: التضمين يجعل اللازم متعديا والمتعدي لازما:]
إذا ضمن اللازم معنى المتعدي تكون تعديته قرينة للتضمين (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ) تضمن (استبق) معنى (ابتدر).