للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلوب عاسية قاسية، تشمئز من سماعه، فتنفر وتكتئب وتنقبض، تلقاه بغلظة وعتمة في جفاف وقسوة، فتضمين اسم الفاعل (قاسية) معنى (نافرة أو مشمئزة) أولى من تضمين الحروف: (مِنْ) معنى (عن)، يشهد لصحته شياعة استعماله في بابه، فالقسوة إنما تتولد من النفور، وليس الاشمئزاز وهو امتلاء القلب غيظا إلا من أسباب القسوة. قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) أي نفرت، وكلا النفور والاشمئزاز يتعدى بمن. هكذا تظهر مزية هذه الحروف حين تدخل على أفعال أو مشتقات لا تتعدى بها، ويعظم فضلها حين تسلط النظر على الخبيء فيستخرج، وعلى الدفين فيطلب إنها عرائس تزف إليك، يسافر فيها الطرف وقد عرف طريق الاستمتاع بها.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ).

قال ابن عباس: قضينا: بيَّنا لبني إسرائيل.

وذكر الزمخشري: قضينا: أوحينا إليهم وحيا مقضيا أي مقطوعا مبتوتا بأنهم يفسدون. ونقل ذلك عنه البيضاوي وحكى أبو حيان: قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>