للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).

وانتصاب الطلاق إما على إسقاط حرف الجر لأن عزم يتعدى بـ (على). قال ابن دريد: عزمت عليك. أقسمت عليك: * عزمت على إقامة ذي صباح *.

وقال العكبري: فلما حذف الحرف نصب. ويجوز حمل عزم على نوى فعداه بنفسه. وعزم بلغة هذيل: حقق.

قال أبو حيان: يتضمن (عزم) معنى (نوى) فيتعدى إلى مفعول به، ومعنى العزم هنا: التصميم على الطلاق، ويظهر أن جواب الشرط محذوف تقديره: فليوقعوه أي الطلاق، وفي قوله في هذا التقسيم: فإن فاؤوا، وإن عزموا الطلاق، دليل على أن الفرقة التي تقع في الإيلاء لا تقع بمعنى الأربعة

الأشهر من غير قول، بل لابد من القول لقوله: عزموا، والعزم على فعل الشيء ليس فعلا للشيء، ويؤكده (فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) إذ لا يسمع إلا الأقوال، وجاءت هاتان الصفتان باعتبار الشرط وجوابه إذا قدرناه، فليوقعوه أي الطلاق فجاء سميع باعتبار الطلاق لأنه من باب المسموعات وهو جواب الشرط، ولا تدرك النيات إلا بالعلم، وتأخر هذا الوصف لمراعاة رؤوس الآي ولأن العلم أعم من السمع فمتعلقه أعم، ومتعلق السمع أخص. وأبعد من قال: فإن الله سميع لإيلائه لبعد انتظامه مع الشرط قبله. وفي حاشية الجمل: عزموا الطلاق أي عليه. نصب الطلاق على نزع الخافض لأن عزم يتعدى بـ (على). وقال الآلوسي: عزموا الطلاق: أي صمموا قصده بأن لم يفيئوا وصمموا على الإيلاء. فإن اللَّه سميع (لإيلائهم) الذي صار منهم طلاقا بائنا بمعنى العدة (علم) بغرضهم من هذا الإيلاء فيجازيهم على وفق نياتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>