للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاصحبهم أنت للأخيار مفتقر ... ما قيمة العيش لولا هذه الزُّهُر

لا تعد عيناك عنهم تبتغي عرضا ... من زينة الدنيا في خدها صَعَرُ

واسلك سبيلهم عساك تدركهم ... تدعْ ذنوبا يُعفي خلفها الأثرُ

اللَّه غايتهم، محمد قدوتهم، رابطة العقيدة وثقت بين قلوبهم. أما المال والجاه والنسب فقيم نفيسة في ميزان الجاهلية محاها الإسلام. لا تغفل عيناك عنهم ولا تطمع في إيمان من أصابهم رغد العيش وزينة الدنيا، يريدون أن يتجروا بدينهم في سوق الدعوات، ويحققوا في اعتناقه ما شاؤوا من أطماع،

إنهم سَفَه لا وزن لهم ولا شأن في ميزان الإسلام. أما ما ذكره بعض المفسرين بتضمين تعدو معنى تنبو فالنبوُّ فيه كبرياء وصَلَف وهو عن السياق بعيد وهو عن خلق رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أبعد، وأما (تقتحم) فلا يتعدى بـ (عَنْ) فاضطره إلى الحذف والتأويل فضلا عن كدرة لفظه.

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) فلا ملل ولا استعجال: يتوجهون إلى ربهم لا يتحولون ولا يبتغون إلا رضاه.

ولو سأل سائل: لم اختار الخبير العليم (عدا)؟ فأقول: لِتعلق الغرض به وأنه ترجمة للغة العيون حين تسهو عن الجوهر وتتطلع إلى العَرَض: زينة الحياة الدنيا، فكأنه أليق بمعناه وأوفق لمراده. أما الانصراف فهو ترجمة لنزوات النفس حين تتحول من الآخرة إلى الأولى ومن الجوهر إلى العرض،

وأما السهو والغفلة فهما ترجمة للقلب حين ينقطع عن الذين يريدون وجه الله، وصبر النفس مع هؤلاء يستدعي يقَظَة القلب ورقته، وهذا ما أنَّسَني باستحسانه ثم هو جنوح إلى المستخف وعدول عن المستثقل.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>