الراغب. والتجاوز لا يتعدى بـ (عَنْ) إلا إذا كان بمعنى العفو كما صرحوا به أيضا وهو هنا غير مراد فلا بد من تضمين (عدا) معنى (نبا وعلا) في قولك: نَبَتْ عنه عينه، وعلت عنه إذا اقتحمته ولم تعلق به وهو الذي ذهب إليه الزمخشري.
ثم قال: لم يقل ولا تعدهم عيناك أو لا تعلُ عيناك عنهم وارتكب التضمين ليعطي الكلام مجموع معنييه وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ. ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم.
وقال السهيلي: ولا تعدُ أي لا تجاوزهم عيناك ولكنه أوصل إلى المفعول بـ (عَنْ) حملا على المعنى لأنك إذا تجاوزت الشيء وتعديته فقد انصرفت عنه فحمل (لا تعدُ) على (لا تنصرف) أي ضمن لا تعدُ معنى لا تنصرف. وبهذا اللفظ فسره الفراء.
أقول: لعل تضمين (تعدو) معنى (تسهو أو تغفل) أكشف في تشخيص العلة من سواه لأن تحول الاهتمام عنهم إلى مظاهر الحياة الدنيا وزينتها فذلك هو الرسوب.
احبس نفسك معهم ولا تسهُ عيناك عنهم فهؤلاء الفقراء: صهيب وبلال، سلمان وخبَّاب وعمار، هم القاعدة الصلبة وعلى مثلهم تقوم الدعوات.