للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ) (١).

ضمن (يحشرون) معنى (يساقون) فعدي تعديته أي بـ (إلى)، ذكره السيوطي.

وقال الجمل: يسحبون. وجمع صديق خان المعنيين فقال: يجمعون مسوقين إلى جهنم. وذكر البيضاوي: مقلوبين على وجوههم وذكر الحديث: قال صلوات اللَّه عليه: " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف ... وصنفاً على وجوههم ".

وقال أبو حيان: يحشر الكافر على وجهه بأن يسحب على وجهه.

ومثله قال الرازي.

أقول: حشر يتعدى بنفسه وبـ عن وبـ إلى ولا يتعدى بـ (على)، فإذا تعدى بها نجعله مترددا في مسارح النظر كيما يجد قرينة له تُخصصه في معنى معين.

ولعل تخصيصه بمعنى (جرَّ) تنزله أفرع منازله، ففي الحديث قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وتجرون على وجوهكم ".

ولا يخفى ما في الجر على الوجوه من الإهانة والمذلة والمشأمة! فالمشهد معكوس كانقلاب مقاييسهم في منطقهم العقيم مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وجداله في الباطل، فانقلاب صورتهم تليق بانقلاب تصورهم، وتأبِّيهم على الحق، واستكبارهم عليه. فهم وراء فساد النظم والأوضاع. تتنفس شهواتهم في جوها العفن كالديدان، لا يعيشون إلا في مستنقع آسن، فطبيعي أن يأتي

<<  <  ج: ص:  >  >>