للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الذين قالوا بالعدول من حرف إلى حرف كالأشموني وابن هشام والسيوطي والزركشي وسواهم، فما العلة التي سوغت لهم مجيء (عن) بدلا من (مِنْ)؟! وما فائدة التناوب؟. فاستَوحِش منه، ولا تأنس بخاطر يبدو لك فيه، فهو واهٍ ضعيفٌ ساقط لا وجه له.

أرأيت كم وراء هذه الحروف من كنوز استودعتْها هذه اللغة الشريفة في أفعالها. دل عليها التضمين وأرشد إليها النظر!.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) (١).

ذكر العز: (قدرنا) معنى (علمنا) ليفيد التقدير والعلم جميعا. وقال الزمخشري: فإن قلت: لم جاز تعليق فعل التقدير في قوله قدرنا، والتعليق من خصائص أفعال القلوب؟ قلت: لتضمين فعل التقدير معنى العلم وكسرت همزة (إن) إجراء لفعل التقدير مجرى العلم والعلة في كسرها وجود اللام. فإن

قلت: لم أسند الملائكة فعل التقدير لأنفسهم وهو لله؟ قلت: لما لهم من القرب والاختصاص بالله. وقال القرطبي: قدرنا أي قضينا وكتبنا. وكذلك البروسوي: حكمنا وقضينا.

وقال أبو السعود: علق فعل التقدير بأفعال القلوب لتضمَّنه معنى (العلم) ويجوز حمله على معنى (قلنا) لأنه بمعنى القضاء. وقال أبو حيان: وكسرت (إن) إجراء لفعل التقدير مجرى العلم، إما لكونه بمعناه أو لترتبه

<<  <  ج: ص:  >  >>