للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعذاب. واحتمال اللفظ للمعنى شيء، ودلالته عليه شيء آخر. فالمطلق للمقيدات غيرُ دال، والعام بالنسبة للأفراد دال.

الجاهلية الحديثة تطارد الذين يتطهرون ... في أفكارهم وتصوراتهم لأنها ترحب بالدنسين القدرين، وجاءت الخاتمة بلا تفصيل (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ) لأنها من الغابرين الدنسين. مطرا مهلكا فيه ما فيه من العواصف أرسله عليهم ليطهر الأرض من الدنَس الذي كانوا فيه والوحل الذي عاشوا فيه.

وكل سوء بلغ الحد انتهى ... للمنتهى ومن الدمار دواء

* * *

قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ).

أجاز أبو البقاء، وكذلك أبو حيان: أن يكون قوله: (مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) مفعولا به على تضمين الفعل معنى أعطيناكم.

وذكر الجمل: قوله (مكناهم) عدَّاه بنفسه وقوله (نمكن لكم) عداه بالحرف والفرق بينهما: أن مكنه في كذا معناه أثبته فيه، وأما مكن له فمعناه جعل له مكانا. وقال: إذا ضمن مكنا معنى (أعطينا) كانت (ما) مفعولا به أي أعطيناهم مكانا ملتبسا ومصحوبا بالقوة والسعة.

وقال أبو حيان: وتعدى مكن بنفسه وبحرف الجر والأكثر تعديته باللام - مكنا ليوسف في الأرض - وقال أبو عبيدة: مكناهم ومكنا لهم لغتان فصيحتان كنصحته ونصحت له.

<<  <  ج: ص:  >  >>