ليس في لفظ: الزوال، والذهاب، والبطلان، ولا حتى الضلال. وإشاعة الرهبة فيما يحمله الهلاك من ظلال موحشة للحصول على الاستجابة، إنما يكون بتغذية الخيال بالصورة الحية والمشهد المشخص المتحرك.
فلنقف عند هذه الحروف متمهلين لتبدي لنا ما ووري عنا من شواردها، فإن تمنَّعن عليك فصرهن إليك بالملاطفة والملاينة.
ويرى الآلوسي: إن عن لا يتعين كونها بمعنى (بعد) بل يمكن أن تبقى على معنى المجاوزة الذي لم يذكر البصريون سواه ويمكن أن تكون (عن) بمعنى (على) كما في قوله تعالى: (فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ).
أقول: هلك في سياق الآية يحتمل معنيين: القريب: وهو الموت وليس فيه تضمين. والبعيد: يتضمَّن معنى (الضلال) وكذلك الحياة ضمنها معنى (الإيمان) قَالَ تَعَالَى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا).
ولعل المعنى الثاني أرجح لأن اللَّه في يوم بدر فرق فيه بين الحق والباطل، وظروف المعركة كلها بينات لا تُنكر ولا يرتاب فيها اثنان. إنها ليست فى قدرة مخلوق، وإنها من صنع الخالق. ولقد صرح المشركون لحليف