عليه. وأسند التقدير إليهم ولم يقولوا: قدر الله، لأنهم هم المأمورون بإهلاكهم كما يقول من يلوذ بالملك: أمرنا بكذا والآمر هو الملك.
وقال الجمل: قوله قدَّرنا ضمن معنى العلم ولذلك كسرت همزة (إن) وجاءت في خبرها اللام وإسناد التقدير للملائكة مجاز فهم رسل اللَّه ووسائط بينه وبين خلقه وإنما فعلوه بأمر الملك لاختصاصهم بأوامره وقربهم منه. وفعل التقدير قد يعلق إجراء له مجرى العلم.
أقول: إن تضمين (قدَّر) معنى (قضى أو حكم أو كتب) فهذا لا يكون إلا لله ولا يصح من أحد سواه. ومن معاني (فَعَّل) النسبة إلى الفعل كـ فهَّمته: نسبته إلى الفهم، وفسَّقته: نسبته للفسق وعليه يكون المعنى. نسب الملائكة التقدير لأنفسهم فيما حكم اللَّه به وبيان ما قضاه وكتبه، إنها من الهالكين لأنهم مأمورون من الله، فأسندوا التقدير لأنفسهم وهذا مسلك من هذه اللغة الشريفة أنُف، تعجب من وسيع مذاهبها وبديع أغوارها فيه.