تُعلموهم)، وناهيك بتوصية اللَّه المؤمنين أن يستعملوا القسط مع المشركين ويتحاموا ظلمهم مترجمة عن حال مسلم يجترئ على ظلم أخيه المسلم. وذكر الجمل: قوله تفضوا إنما فسر بذلك ليصح تعدية تمسطوا بـ (إلى) فضمّن (تمسطوا) معنى (تفضوا) فعُدِّي تعديته. وذكر الآلوسي: ولا تفضوا إليهم بالقسط، فالفعل مضمن معنى (الإفضاء) ولذا عُدِّي بـ (إلى).
أقول: المسلم يعيش لعقيدة فلا جهاد في عصبية من جنس أو أرض أو عشيرة أو نسب ... ولكن لتكون عقيدته هي السائدة ومنهجها هو المطبق في الحياة. والإسلام لا تحمل عقيدته خصومة لأحد ولا يتطوع بالعدوان على أحد يحرص على استبقاء المودة في النفوس مع جميع الملل والنحل. ولا ييئس
من محاسنة الجميع ومسالمتهم ما لم يقاتلوه في الدين أو يُخرجوه من دياره.
وتلك هي شريعته الدولية: السلم: وتسلموا إليهم، لا يغيرها إلا وقوع العدوان عليهم، وضرورة رده، أو خوف الخيانة وهي تهديد بالعدوان أو الوقوف في وجه الدعوة حين يُمنع الدعاة من تبليغها.
فنظام الإسلام يجمع الناس تحت لواء المحبة ولا ييئس حتى في حال الخصومة أن يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة والتحبب إلى النفوس فتنفتح لسماع الحق وتتجه هذا الاتجاه المستقيم. وأكد ذلك بحب اللَّه للمقسطين، وقبل ذلك قال سبحانه:(عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) وهذا الرجاء من اللَّه لا بد أنه سيكون، ولقد كان وفتحت مكة وأسلمت قريش وطُويت الثارات وتصافت