قال أبو حيان: والتفريط والتقصير حقه أن يتعدى بـ (في)(مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) وإذا كان كذلك فيكون قد ضمن ما أغفلنا وما تركنا ويكون (من شيء) في موضع المفعول به و (مِنْ) زائدة والمعنى ما أغفلنا وما تركنا في الكتاب شيئاً يحتاج إليه من دلائل الألوهية والتكاليف. ويَبْعد جَعل (مِنْ) هنا تبعيضية وإن قاله بعضهم. أ. هـ
وذكر الجمل: يقال: فرَّط الشيء وضيقه وتركه، وفرط في الشيء لا من الشيء أي أهمل ما ينبغي أن يكون فيه.
وذكر الآلوسي: التفريط: التقصير وأصله أن يتعدى بـ (في) وقد ضمن هنا معنى (أغفلنا وتركنا)، ف (من شيء) في موضع المفعول به و (من) زائدة للاستغراق ويبعد جعلها تبعيضية. وحكى القرطبي: ما فرط في الكتاب من شيء إلا ذكره إما تفصيلا وإمَّا تأصيلا قال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) وقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
أقول: حين تعدى فرَّط بـ (مِنْ) جمع مع نفي التفريط الذي هو التقصير معنى السلامة من التضييع والخلوص من الإغفال والبرء من التقصير وهذه جميعاً تتعدى بـ (مِنْ). وحين نفى تعالى عن كتابه هذه المعاني، فقد أثبت ما يقابلها من استيعاب كتابه لكل أمر من الدين بالضرورة (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) ليكون الانتفاع به ليس إلى غاية ولا وراءه من نهاية.